الصفحات

القول البليغ في جماعة التبليغ

القول البليغ في جماعة التبليغ 
تأليف : سماحة الشيخ أبو بكر جابر الجزائري حفظه الله تعالى 

المدرس بالمسجد النبوي الشريف وبالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقا


بسم الله الرحمن الرحيم 
كلمة الناشر 
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين , أما بعد ..
ما دمت لم تر شخصا أو جماعة , من قريب بالمصاحبة أو المشاركة لا تستطيع ان تحكم عليه برأي صحيح , لأنه ليس من الضروري بان ما تسمعه من الناس يكون صحيحا وصوابا .
ولذا امرنا الله تعالى بقوله ]إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا[ 
وقال عليه الصلاة والسلام : 
((كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ))
وان كانت دراسة هذا الفقير إلى الله قد تمت في مدارس ديوبندية وقد حصلت على الشهادة العالمية من جامعة خير المدارس بملتان في عام 1382هـ ثم قمت بالتدريس في مختلف المعاهد في أماكن مختلفة مثل :
ساهيوال , فيصل آباد , جهلم , راولبندى , واخيرا في إسلام آباد . وكانت علاقتي الوثيقة بأمير جماعة التبليغ في باكستان الحاج بشير احمد رحمه الله في إسلام آباد , ومع ذلك كنت لا اعرف أهمية أعمال ونشاطات هذه الجماعة , إلى أن شرفني الله سبحانه وتعالى بالالتحاق في كلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة , وفي اليوم الثالث من التحاقي بالجامعة دعاني وجميع الطلبة الباكستانيين الشيخ سعيد احمد حفظه الله في مسجد النور , وذكر أهمية هذا العمل الجليل , ومن ذلك اليوم وقع في قلبي كلام الشيخ وسنحت لي الفرصة أن انظر هذه الجماعة من قريب .
فوجدت فرصة للخروج مع جماعة التبليغ لأربعين يوماً إلى السودان في عام 1953هـ وعرفت بأن هؤلاء قد أحرقت قلوبهم غما وحزنا على ما آلت إليه أحوال الأمة الإسلامية اليوم , وانهم في عملهم هذا ليس لهم أي غرض أو منفعة ذاتية وبسبب إخلاصهم وتفانيهم في الدعوة إلى الله قد هدى الله بهم خلقا كثيرا ,
وفي أثناء الخروج في محطة القطار (شندى ) رأيت شابا تونسيا مع بنت أمريكية سافرة بينما كنا مسافرين إلى بورت سودان فركب في عربتنا فتكلم معه أحد الاخوة منا كلام الإيمان , حتى قيض الله بهدايته فجاء بعد رجوعنا إلى المملكة معتمرا , وحفظ بعض أجزاء القران الكريم في المدينة المنورة .

ومن حسن الحظ أن كان هذا الشاب من السادات أي من سلالة النبي صلى الله عليه وسلم وكان أفراد أسرته موجودون في المدينة المنورة . وبعد التخرج من كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة أصبحت مبعوثا من قبل الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في ماريشيس ثم بدولة البحرين وعملت هناك اثنا عشر عاما . وأثناء هذه المدة زرت دول كثيرة , ولكن التأثير الذي رأيت في جماعة التبليغ ما رأيت مثل هذا في أي جماعة أخرى .

وخوفا من هذا التأثير في الناس لهذه الجماعة يعترض الناس عليها ويرمونها باتهامات خطيرة ولكن بسبب إخلاصهم ينصرهم الله بعونه من الغيب ويدافع عنهم .
والكتاب الذي بين أيديكم سميته بـ ( جلاء الأذهان ) .
وهي في الحقيقة مجموعة رسائل للعلماء المخلصين في المملكة العربية السعودية وعلى رأسهم والدنا المكرم وشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله , فهذا تأييد غيبي من الله عز وجل لجماعة التبليغ .
وفيه تشجيع لهذه الجماعة وحث وتحريض على التعلم والتعليم كما وفيه الترغيب على تصحيح العقائد .
واهم من هذا كله هو الدعوة إلى إنقاذ الأمة الإسلامية من الفرقة والاختلاف إلى الوحدة , لذا فكرت أن انشر هذه الرسائل كما هي , حتى تجتمع الأمة على كلمة واحدة لان ما تعانيه الأمة الإسلامية من التفرق والاختلاف في أيامنا هذه أحوج إلى الوحدة من أي يوم مضى .
ولا يمكن الأمن والطمأنينة إلا بالرجوع إلى الكتاب والسنة والعمل بمقتضاهما والقيام بالدعوة إلى الله عز وجل وبالتضامن الإسلامي .
واخيرا اشكر فضيلة الشيخ عبد العزيز بن يوسف بهزاد حفظه الله , الذي ساعدني على جمع هذه المواد لطبع هذا الكتاب .
وكذلك اشكر فضيلة الشيخ السيد / نفيس الحسيني حفظه الله تعالى الذي امرني بأداء الواجب تجاه هذا العمل الجليل .
وختاما اشكر المسؤولين في مكتب ( دار الحسن للطباعة والترجمة ) في مراكز ايف 8 , أيوب ماركيت - إسلام آباد .
وهم الشيخ راغب حسن والشيخ احمد حسن حفظهما الله والمخرج الفني الأخ سليمان حيدر حفظه الله الذين بذلوا أقصى جهودهم لطباعة وكتابة هذا الكتاب وإخراجه بشكل جميل وأنيق فجزاهم الله عني خيرا .
وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يجعل عملي المتواضع هذا سببا لوحدة الأمة الإسلامية - آمين .
وان يوفق الأمة الإسلامية إلى عملها الحقيقي وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى تسترد عزتها وماضيها المجيد .... آمين .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين 

غلام مصطفى حسن 
خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة 
رئيس الجامعة المحمدية للبنات 
86-1 كشمير رود - غلام محمد آباد 
فيصل آباد - باكستان 
غرة جمادى الثانية 1415 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم 
مقدمة 

الحمد لله رب العالمين , والعاقبة للمتقين , ولا عدوان إلا على الظالمين , والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد سيد بني آدم أجمعين . وآله الطاهرين , وصحابته , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . وبعد :- 

فقد كثر في هذه الأيام الكلام على جماعة التبليغ مدحا وقدحا , الأمر الذي تبلبلت له الأفكار . من اجل هذا كتبت هذه الرسالة اعذارا وانذارا . والى الله ترجع الأمور . 


نشأة جماعة التبليغ 
بدلهي عاصمة الهند ,وفي العقد الثالث عشر من هجرة سيد البشر , نشأت جماعة التبليغ بعون الله تعالى وتيسير على يد الشيخ الياس بن محمد بن إسماعيل الكاندهلوي غفر الله لنا وله , ورحمنا وإياه . آمين 

الحال الداعية إلى إنشاء جماعة التبليغ 

أن لكل عما ذي بال وحال , ذات اثر من نفع أو ضر , ظروفا وملابسات تستدعي وجوده وظهوره , وكان ذلك ما حل بأمة الإسلام في اغلب ديارها من جهل وفسق , وفساد وشر .
الأمر الذي أصبحت تحاكى الجاهلية الأولى محاكاة , تكاد أن تكون تامة في كثير من البلاد أنها فساد في العقيدة , جهل بالعبادة , ضلال في العقول ومرض في النفوس , في البلاد الإسلامية عامة , وفي الهند خاصة حيث اخذ المسلمون يعودون , لما أصابهم من الجهل بالإسلام وشرائعه إلى الوثنية الهند وكية .

وفي هذه الظروف الحالكة نشأت جماعة التبليغ رجاء أن تنقذ من شاء الله أنقذه , من الجهل بالإسلام والبعد عن شرائعه فيعلم ويعمل فينجو , ويكمل ويسعد , إذ لا نجاة ولا إكمال ولا إسعاد بغير العلم بالإسلام والعمل بشرائعه ظاهرا وباطنا , 







وسيلة جماعة التبليغ في هداية الضلال
نظرا انه لا بد لمن أراد أن ينقذ غريقا , أو ينجي متعرضا لهلكه من وسيلة صالحة , تمكنه بإذن الله تعالى من إنقاذ من أراد إنقاذه من الغرق أو انجاء من أراد نجاته من هلكته . فإذا كان الأمر كذلك , فما هي وسيلة جماعة التبليغ للإنقاذ المطلوب في وسط جل أهله غرقى أو هلكى ؟.
قبل أن نعرض للوسيلة بالذكر والبيان . يحسن أن نلقي نظرة على المجتمع الإسلامي في دياره وحاله متشابهة شرقا وغربا , وشمالا وجنوبا , أنها قبور تعبد , أعياد جاهلية تقام , فسق عام بترك الفرائض والسنن وغشيان المحارم والمآثم .

أما الآداب الإسلامية والأخلاق , فإنها توجد مع ترك الصلاة والانغماس في الشهوات , والجهل بالفرائض والواجبات , انك تدخل المسجد في الحواضر فلا تجد إلا طاعنا في السن قد لفظته الحياة ,
وأين مسلمو البلد ؟ انهم في المقاهي والملاهي والأسواق ومجالس الباطل ومقاعد السوء يضحكون ويسخرون كأنهم لا يؤمنون .

في هذا المجتمع الذي تسوده الغفلة ويتحكم فيه الجهل وتستبد به الأهواء وتعرم فيه الشهوات , على مؤسس جماعة التبليغ وهو الشيخ محمد الياس بالذات أن يبحث عن وسيلة ملائمة للوضع الخطير تمكنه من إنقاذ غرقى الجهل والظلم والفسق والشرك , وهداه ربه عز وجل إلى وسيلة نافعة ناجحة , فأنقذ الله تعالى بها خلقا لا يحصون عددا , أنقذهم من ضعف الإيمان إلى قوته , ومن ظلمة الجهل بالإسلام إلى نور معرفته , ومن ضياع الغفلة إلى حصانة الذكر , ومن الفسوق والعصيان إلى طاعة الرحمن ,
والآن إلى بيان وسيلة جماعة التبليغ التي هدى الله تعالى بها عبده محمد الياس رحمه الله تعالى إلى وضعها ووفقه للعمل بها , فأنتجت الخير الكثير , وهاهي ذي متمثلة في منهج تربوي حكيم لم ير في المناهج التربوية نظيره , وذلك لاختصاره وشموله , انه منهج عجب إذ لم تتجاوز مواده الست , مواد تسمى بالصفات الست وهي :
1- تحقيق شهادة أن لا اله إلا الله , وان محمدا رسول الله .
وذلك بعبادة الله تعالى وحده بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنواع العبادات وضروب الطاعات والقربات .
2- الصلاة ذات الخشوع والخضوع .
أي إقامة الصلاة , بأدائها مستوفاة الأركان والواجبات , والتأكيد على الخشوع فيها إذ هو روحها الذي لا تثمر ما شرعت له من النهى عن الفحشاء والمنكر إلا به .
للعلم بان اكثر المصلين ما نهتهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر لفقدها الخشوع والخضوع فيها لله تعالى .
3- العلم مع الذكر :
أي تعلم الضروري من العلم والعمل به , وهو المراد من كلمة الذكر , أن العمل بالعلم ذكر , والعلم بدون عمل إعراض ونسيان , والعياذ بالله من علم لا ينفع , ودعوة لا يستجاب لها .
4- إكرام المسلم :
والمراد به رد اعتبار المسلم الذي فقد منذ زمن طويل حيث اصبح عدوا لأخيه المسلم يضرب جسمه ويزهق روحه ويسلب ماله وينتهك عرضه فيزني بأمه وأخته وعمته وخالته وفي ديار المسلمين ,

إن إكرام المسلم احترامه وتقديره وذلك بكف الأذى عنه , وإسداء الجميل في حدود الوسع والطاقة البشرية .
وقد فقد هذا المسلمون منذ عصور عديدة إلا ما قل وندر , والنادر لا حكم له .
5- تصحيح النية :
والمراد بذلك أن ينوي المسلم بعمله كله وجه الله تعالى فلا يعتقد ولا يقول ولا يعمل إلا طالبا بذلك مرضاة الله تعالى , وهو الإخلاص الذي جاء به الكتاب وقررته السنة .
6- الدعوة إلى الله تعالى والخروج في سبيلها وهي سبيل الله عز وجل .
أن المراد من الدعوة إلى الله تعالى , دعوة الناس إلى الإيمان بالله والعمل بطاعته وطاعة رسوله المبنية في الكتاب والسنة ليكمل العبد ويسعد في الحياتين .


كيفية استعمال المبلغين وسيلتهم الدعوية
انهم بعد وضع تلك الوسيلة والتأكد من صلاحيتها والتحقق من جدواها ونفعها , بحثوا عن طريق لاستعمالها وكيفية تنفيذها للخروج بها من حيز العلم النظري إلى التطبيق العملي , فاهتدوا بتوفيق من الله تعالى إلى الطريق الآتي المتمثل فيما دون بالأرقام التالية : 
1- المسجد وهو المنطلق الأول للدعوة .
انهم امتثالا بسيد الدعاة وأمامهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي ما نزل بديار بني عوف بقباء حتى بنى لدعوته مسجد قباء , وما أن بركت ناقته بحي أخواله من بني النجار حتى اختط مسجده وبناه لدعوته , اعتمدوا , أي جماعة التبليغ المسجد منطلقا لدعوتهم فهي من المسجد إلى المسجد , من المسجد تخرج وتعود إليه وأطلقوا على المسجد الذي يعدونه لدعوتهم لفظ " مسجد النور " تفاؤلا , فوافق واقعا , 

إذ المساجد في الإسلام هي محطات النور وإشعاعاته , إذ فيها يتعلم العلم , وتزكى الأرواح بالعبادات من صلاة وذكر ودعاء وتلاوة لكتاب الله عز وجل .
وبالمساجد تكتسب الآداب , وتهذب الأخلاق لما يوحى به المسجد من الصمت وحسن السمت , وطهارة الروح ونظافة الثوب والدن معا . 

في المسجد يجتمع المبلغون ليلة العطلة من الأسبوع فيبيتون به تاركين فرشهم وازواجهم وأولادهم انقطاعا إلى ربهم وتبتلا إليه , حيث ينقطع المسرفون من أهل الغفلة في تلك الليلة إلى اللهو والباطل فلا ينامون إلا مع قرب الفجر ولا يستيقظون إلا مع حر الشمس فلا صلاة ولا ذكر الله .

وقبل أن يناماالمبلغون ليلة اعتكافهم في المسجد يقوم احد هم من الأهلية فيعطيهم ويذكرهم بواجبهم ،ويطلب منهم أن يضحو في سبيل الله ببعض أوقاتهم ،وذلك بان يسجلو اسماء هم في قوائم الخارجين في سبيل الله لدعوة الغافلين والمعرضين عن ذكر اللهوطاعته وطاعة رسوله ،لعل الله تعالى ان يهديهم على أيديهم ،وهم في ذلك ينظرون الى قول الرسول صلى الله عليه وسلم :(لان يهدي الله بك رجلا واحد اخير من حمر النعم )

وبعد صلاة الصبح يقوم احدهم من ذوي الكفاءة لطول الممارسة وكثرة العمل في حقل الدعوة فيتكلم في الخارجين ممن سجلو اسماءهم للخروج بحسب فراغهم ،اذمنهم من يسجل لخروج يوم ،ومنهم لاكثر ،ويسمون هذه الكلمة التي تلقى على الخارجين ((هدايات )) ومعناها صدق النية والتقليد بآداب الدعوة والسفر والا قامة في المسجد وحسن الصحبة وكمال الطاعة لامير الجماعة من الخروج الى العودة وبعد فراغ المرشد من كلمته تجتمع كل جماعة بأميرها ،فيوصيهم باصبر والطاعة وصلاح النية،ثم يجمع نفقتهم منهم ،وهى نفقة بركة لا نفقة مال ،وذلك لزهادتها وقلة قيمتها ،ثم يعين أثنان منهم لتحضير وسائل السفر للخروج حتى اذا ركبو ا ما ير كبونه في سفرهم في قراءة الادعية الواردة في السفر ،وفي تعلم اليسير من القرآن الكريم واحاديث الاداب والا خلاق ،واذا انتهو الى القرية او المدينة المقصود اموا مسجدها فدخلوه ،

وبعد صلاة تحية المسجد اجتمعوا للشورى في شأن ترتيب العمل العدوى , وتوزيعه على الاربع والعشرين ساعة المقبلة , او من ساعتهم تلك الى مثلها من الغد . ويشتمل العمل على ما يلي : 
1- اعداد الطعام :
ومن يقوم به منهم فيعينون له اثنين او ثلاثة منهم .
2- تحديد الوقت :
تحديد وقت لزيارة امام المسجد ومركز الشرطة وامير المدينة , او عمدة الحي او شيخ القرية , وتنفيذ ذلك في وقته المحدد له , وذلك تأليفا للقلوب وابعادا للريبة , واداء لواجب احترام المسؤولين .


3- التعريف بالجماعة :
التريف بالجماعة للمصلين بالمسجد بعد صلاة الظهر , وانهم اخوانهم في الله ولا مطمع لهم في شيء من الدنيا , ولا هدف لهم الا زيارة المسلمين والتحبب اليهم والتعرف عليهم , وطلب الخروج معهم للتذكير والتطهير , التذكير بالله , وتطهير النفوس بطاعة الله , وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

4- القاء درس :
القاء درس بعد صلاة العصر ثم التذكير باداب الجولة , وقبل الخروج بساعة يخرجون الى الناس في اسواقهم , ومتاجرهم , ومقاهيهم , ومحلات جلوسهم , يذكرونهم بالله ويدعونهم لحضور الموعظة في المسجد بعد صلاة المغرب .

2- نظام الجولة :
من انظمة جماعة التبليغ المنبثقة عن وسيلة دعوتها انهم يعينون للجولة أميرا , ودليلا , ومتكلما ويبقون احدهم اذا خرجوا في المسجد , يدعوا الله تعالى لهم بالتوفيق والسداد في دعوتهم , وبنجاحها في هداية المسلمين . كما يبقون اخر لاستقبال المستجيبين للدعوة , ومجالستهم ومؤانستهم بمذاكرتهم تأليفا لقلوبهم . 
وبعد صلاة المغرب يعلن احدهم عن الموعظة , وانها بعد صلاة السنة مباشرة , وذلك بعد قوله :
(( ان نجاحنا وفلاحنا في اتباع اوامر الله على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم )) ويسمون هذه الكلمة , كلمة الدين والايمان , 

وبعد صلاة العشاء يقرأون قصة او اكثر من كتاب ( حياة الصحابة ) حتى لا يستكثر الخارجون في سبيل الله ما بذلوا من جهد ووقت ومال , وحتى يزدادوا رغبة في الجهد والبذل في سبيل الدعوة مع طيب نفس وراحة بال .

وقبل انصرافهم الى الطعام والنوم يذكر احدهم بآداب ذلك وسننه الملازمة له . كما يذكرهم بآداب المسجد وما ينبغي ان يكونوا عليه فيه من الآداب وحسن الحال , كما يحثهم على قيام الليل وهم يقومون فعلا كلا بحسب استعداده الروحي والجسمي , الا انهم قبل الفجر بنصف ساعة لا يبقى منهم احدا نائما قط .وبعد صلاة الصبح يجلسون للموعظة , ثم يتدارسون القرآن وخاصة السور العشر من سورة الفيل الى الناس مع الفاتحة التي يعتبرون حفظها ضرويا للمسلم الذي يدعو الى الله ويخرج في سبيله .

واذا طلعت الشمس وارتفعت قيد رمح صلوا سبحة الضحى , ثم تناولوا طعام الفطور , وعلى اثر ذلك يخلدون للراحة ساعة , ثم يهبون للتشاور في العمل واعداد الترتيبات اللازمة له , وهو عمل الاربع والعشرين ساعة المقبلة . هذا نظام عمل جماعة التبليغ مجملا ومفصلا .

3- الالتزام :
لجماعة التبليغ امور يلتزمون بها الخارج معهم للدعوة حتى ينتفع باذن الله وينفع وهي كالاتي : 
أ- الإلتزام باربع وهي :
1- اطاعة الامير .
2- الاشتراك في الاعمال الجماعية .
3- الصبر والتحمل .
4- نظافة المسجد .
ب- الاشتغال بأربع وهي : 
1- الدعوة .
2- العبادات 
3- حلقة التعليم .
4- الخدمة , أي خدمة الجماعة بالتعاون معهم .
ج- التقليل من ثلاث وهي :
1- الطعام .
2- المنام .
3- الكلام وخاصة وقت قضاء الحاجات .
د- تجنب أربع وهي :
1- الإسراف أي في كل شيء وهو مجاوزة الحد .
2- الإشراف وهو التطلع إلى ما في يد الغير .
3- السؤال أي سؤال الناس ما عندهم .
4- استعمال ملك الغير بدون أذنه ورضاه .
هـ- عدم الخوض في أربع وهي :
1- المسائل الفقهية حتى لا ينفرون المدعوون إلى الهدى .
2- المسائل السياسية حتى لا تتعرض الدعوة إلى المنع .
3- أوضاع الجماعة حتى لا يؤذوا اخوانهم المسلمين .
4- الجدل حتى لا يضيع الوقت فيما لا يجدي ولا ينفع ,
وحتى لا توغر الصدور بالإحن وهو ما يتنافى مع سلامة الصدر .

آثار دعوة جماعة التبليغ في العالم 
والان , وبعد ما عرفنا هذه الجماعة نشأة وتكوينا ونظاما وعملا نريد ان نقف على اثار دعوتها الايجابية والسلبية ان كانت لها اثار سلبية , 
فنقول :
لقد عرفت هذه الجماعة في شمال افريقيا : المغرب والجزائر , وتونس وليبيا , كما عرفتها بفرنسا وبلجيكا وهولندا وألمانيا وبريطانيا , وسمعت عنها بأمريكا , وفي القارة الهندية , وشاهدت اثار دعوتها في الشرق الاوسط , 
ومن اثار تلك الدعوة ما يلي :
1- اقام الصلاة ذات الخشوع ,
2- اظهار الشعائر الدينية كالحجاب للنساء , واعفاء اللحية في الرجال , وتغطية الرأس بالعمامة ونحوها .
3- ترك الشركيات والخرافات قولا وعملا واعتقادا .
4- الاستجابة لدعوة التوحيد والعمل بالكتاب والسنة اذ كانوا في شمال افريقيا واروبا يتابعون دروسي من بلد الى بلد طيلة ما انا مقيم في الاقليم ألقي مواعظ ودروسي ,
وتمتاز بحمد الله بالعقيدة السلفية ومحاربة الشرك والبدع والضلالات , هذا في شمال افريقيا .
وأما في اوروبا فإن اثار دعوة التبليغ محمودة جدا , اذ ظهر بها الاسلام وانتشر بين العمال المسلمين , فبنيت المساجد واقيمت الصلاة , وظهر الزي الاسلامي لحية وعمامة وثوب وقميص, ودعى الى الاسلام , ودخل العديد من النصارى في الاسلام فكانوا عشرات الآلاف .
الامر الذي ما كان يتم الا بفتح اسلامي,قوامه السلاح والجهاد و الاستشهاد ,هذه حقيقة ثابته ولا ينكرها الا جاهل بها او متجاهل لها لأغراض شخصية او حزبية .
لقد مضت عشرات السنين , والمسلم لا يستطيع في اوروبا ان يظهر اسلامه فضلا عن امريكا , فاكثر العمال سكيرون تاركون للصلاة متفرنجون لغة وزيا وخلقا وسلوكا , حتى جاء الحق تبارك وتعالى بجماعة التبليغ تحمل هداية الاسلام عقيدة وعبادة وسلوكا وذلك في صمت ويسر و سهولة , فوجد الاسلام في امريكا واوروبابصورة ما كان يتصور وجودها فضلا عن رؤيتها ,بغير جهاد بالسيف .
في القارة الهندية ! 
واثار دعوة التبليغ في القارة الهندية لا تقل عنها في غيرها , فقد رجع المسلمون الى الاسلام بعد التنكر له والخروج عن تعاليمه , والضياع في متاهات البدع والخرافات وصنوف الشركيات .
وحسبك ان مؤتمرات تعقد سنويا تضم مئات الالاف في تجمعات تبهر العقول في نظامها ودقة ترتيبها وهي تنتشر في انحاء العالم تبشر بالاسلام وتدعوا اليه بالحال والقال معا .
وفي الشرق الاوسط .
اثار جماعة التبليغ في مصر والاردن وسوريا ولبنان واليمن الشمالي وفي كل دول الخليج ظاهرة , فكم من منحرف استقام وكم من غافل ساه لاه استفاق , وكم من معرض عن الله ودينه رجع الى الله واب .
ولا اخال مثل هذا يخفى على المصلحين في هذه الديار ,
هذة بعض الايجابيات لدعوة التبليغ , واما السلبيات فسنذكرها ان شاء الله ناقليها عن خصوم جماعة التبليغ مبينين وجه الحق فيها غير مبالين برضى الناس وسخطهم اذ غايتنا طلب رضى ربنا سبحانه وتعالى , فاللهم ارض عنا ولا تسخط انك حليم عليم .
قال الخصوم
ان جماعة التبليغ تميت المسلم بقتلها روح الجهاد في نفوسهم , وذلك , بإغضائها عن السياسة وعدم مطالبتها بتحكيم الشريعة الاسلامية في البلاد التي لا تحكم فيها , وهي كل بلاد العالم الاسلامي ما عدا المملكة العربية السعودية , 

ونقول :
مبينين الحق في هذه المسالة ان جماعة التبليغ تحيي ولا تميت كما قالوا . ان الذي يخرج يدعوا الى الاسلام بنفسه وماله خارج بلاده وداخلها حي قطعا وليس بميت ,
هذا اولا‍!
وثانيا: 
اذا كان الغرض من تحكيم الشريعة هو ان يعبد الله تعالى وحده بما شرع , فإن جماعة التبليغ بدعوتها قد عبد الله بطاعته وطاعة رسوله في اوامرهما ونواهيهما , فالغرض الذي من اجله المطالبة بتحكيم الشريعة قد حصل بحمد الله بدون قتال ,
وثالثا :
هل مطالبة غيرهم بتحكيم الشريعة وتخوضهم في السياسة حقق شيأ من المطلوب ولو قل ؟
اللهم لا!
اذا فدعوة الطاعنين فيهم تعتبر سلبية , ودعوة جماعة التبليغ ايجابية . والايجابي خير من السلبي عند كافة العقلاء .
ومن هنا ننصح لأخواننا بأن يكفوا عن الطعن في جماعة التبليغ حتى لا يقفوا موقف من يصد عن سبيل الله وهو موقف لا يحسد عليه .
وقال الخصوم
وما اكثر ما قالوا وهذه اقاويلهم بإزاء الارقام التالية مع بيان الحق في كل قول ,
1- قالوا: 
" دعوة التبليغ دعوة صوفية " 
ونقول : 
إذا كان التصوف هو التزام طريقة صوفية كالنقشيبندية أو التجانية أو الرفاعية ، وهي تقوم على طاعة الشيخ المربي والتزام الورد ، والمؤاخاة في الطريقة ، والدفاع عنها وعداء كل من يعاديها ، فوالله ما رأينا في جماعة التبليغ هذا ، لا في شمال إفريقيا ولا في أوروبا ولا في الشرق الأوسط ، ولا سمعنا عنه في أمريكا ، ومع هذا لو وجد فردٌ مع جماعة التبليغ متصوفاً ذا طريقة فلا يكون ذلك عيباً في دعوة الجماعة ، إذ هي دعوة عالمية يدخل فيها من هبّ ودبّ .
وحسب الجماعة أن منهجها خال من التصوف قولاً وعملاً واعتقادا ، وأنها لا تدعو إلى التصوف بقول ولا عمل ، كما هو معلوم لكل من خرج مع هذه الجماعة . وكون بلاد نشأة جماعة التبليغ وهي الهند بلاد تكثر فيه الطرق الصوفية ، فإن مصر اليوم بها سبعون طريقة صوفية ، ولها مجلس أعلى يديرها ، فهل ضرّ ذلك الجماعات الإسلامية بمصر ؟ وإن فرضنا جدلاً أن الشيخ محمد إلياس المؤسس لجماعة التبليغ كان صوفياً أو أن خلفه الشيخ إنعام الحسن كان صوفيا ً ، والدعوة خالية في منهجها واسلوبها من التصوف ، فهل يخل ذلك بالدعوة أو توصم به كوسمة عار تصرف الناس عنها ؟ 
اللهم لا ! 
إذاً فشيئاً من الرفق والتعقل أيها الإخوان في الله هداكم الله وإياي . آمين .
2- وقالوا : 
" قادة التبليغ يأخذون البيعة على الطرق الصوفية " .
ونقول : 
إن البيعة لا تكون إلا لإمام المسلمين ، ومن بايع إماماً ثم خرج عنه ليبايع غيره استوجب القتل كائناً من كان للسنة القاضية بذلك .
أما أخذ عهد على مؤمن بأن يلتزم بطاعة الله ورسوله فلا يقول فيه بيعة إلا جاهل أو مغرض مهول مشوش .
إن نظام جماعة وقد مر بنا في هذه الرسالة لا يوجد فيه حرف ولا كلمة تقرر مبدأ البيعة لأحد أو تدعو إليها بحال من الأحوال ، هذا وإن فرضنا أن بعض كبار الدعاة في الهند لهم طريقة صوفية كالقادرية أو النقشبندية مثلاً ، ويعرضونها سراً على بعض الأشخاص فإن تبعة ذلك تقع عليهم لا على الدعوة ولا على الدعاة غيرهم ما دام منهج الدعوة خالياً من ذلك .
والدعاة لا يعترفون بغير ما في منهج الدعوة ونظامها ، وإنما يجب التبرؤ من الدعوة بل محاربتها لو كان منهجها يقتضي ذلك أو يقرّه ، وما دام هذا لم يكن ولا شيء ! فلم التشنيع على جماعة التبليغ ودعوتهم ؟ إن هذا لظلم تخشى عاقبته .
3- وقالوا : 
" إن المبلغين يغيرون حياة من يخرج معهم رأساً على عقب وفي كل شيء في العقيدة وفي المنهج والسلوك وحتى الفكر " .
ونقول : 
نعم ! إن هذه الدعوة ذات تأثير عجيب تفعل بالتابع لها ما ذكرتم من التغيير الكامل ، فإن كان التابع ضالاً اهتدى وإن كان ضعيف الإيمان قوي إيمانه ، وإن كان سيئ الخلق حسن وفضل ، وإن كان غافلاً ذكر ، وإن كان مادياً صار روحانياً .
هذا هو التغيير الذي يحصل لمن يخرج مع جماعة التبليغ غالباً ، أما إنه يتغير من عقيدة التوحيد إلى عقيدة الشرك والخرافة ، ومن صلاح إلى فساد ، ومن ذكر إلى غفلة ، ومن طاعة إلى معصية ، فهذا لا ! والله ما رأيناه ولا سمعنا به فيهم .
وليس ممتنعاً أن يقع شذوذاً في بعض الأفراد ، والشاذ لا حكم له كما يقال .
وعليه فالزموا الحق ! يا دعاة الحق واتقوا الله في صرف عباده عنه فإن الصد عن سبيل الله أخو الكفر والعياذ بالله . 
4- وقالوا :
" قد وضع المبلغون الصفات الست بدلاً عن قواعد الإسلام الخمس وأركان الإيمان الستة " .
ونقول :
هذا والله تمجن وسوء ظن قبيح ، فهل وضع في منهج تربوي إصلاحي لتطبيقها والدعوة على مقتضاها يعتبر محاذة الإسلام بترك قواعده وإهمال أركانه ، والإستعاضة عنها بغيرها ؟ 
فهل دعوة تقوم على الإيمان بالله ولقائه ودينه ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، والأخلاق الفاضلة ، والنية الصادقة في لقول والعمل .
يقال فيها يا عباد الله ! 
" إن أصحابها استبدلوها بقواعد الإسلام وأركانه " ؟ 
اللهم إن هذا بهتان عظيم ، كيف يرضى به من ينتسب إلى سلف الأمة وصدرها الصالح ؟ 
5- وقالوا : 
" إن المبلغين أعداء لأهل العقيدة ، وأئمة الدعوة السلفية " .
ونقول :
هذه دعوى تحتاج إلى بينة ، وأين هي ؟ 
ومع هذا فإنا نقول ليس مستبعداً أن يوجد من العلماء الجامدين دون دراسة الكتاب والسنة . ومن الإنتفاعيين أيضاً ، وما أكثرهم من يبغض السلفيين ويعاديهم ويبغض شيخي الإسلام أحمد بن تيمية و محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله ، فمثل هؤلاء قد يخرج مع الدعاة 
وبما أن من مبادئ الدعوى ترك الخوض في الجدل وما لا يعنى ، فقد يوجد ذلك الشخص المريض ولا يتفطن له فنترك على ما هو عليه حتى تهذبه الدعوة وتنقيه من أدران نفسه ، هذا هو الممكن والجائز .
أما أن يوصف عامة جماعة التبليغ بأنهم أعداء لأهل العقيدة السلفية وأئمتها فهذا والله باطل ، وظلم وبهتان عظيم ، لا يحل لمسلم أن يتصف به .
إننا والله قد عرفنا جماعة التبليغ وحضروا دروسنا في الغرب والشرق وما سمعنا من أحد ما يفهم من كلامه أنه يكره دعاة التوحيد وأئمته ، بل كثيراً ما يشكون لنا بأن ذويهم في بلادهم يصفونهم بأنهم وهابيون ما يزعمون .
وليعلم إخواننا في العقيدة أننا لا نرض ولا نسكت عن أحد يطعن أو يلمز دعاة التوحيد وأئمته أبداً ، إلا أننا لا نتجنى على الناس ونقول عنهم ما لا يقولون ، لأن ذلك ظلم ، والظلم حرام .
وليس معنى هذا الذي قلناه أنه لا يوجد في الشرق والغرب من لا يعادي السلفيين بل المعادون للسلفيين والله لأكثر من الموالين لهم ، المتعاونين معهم ، وإنما نبرئ بما قلناه جماعة التبليغ في الجملة فقط ، والله عليم بذات الصدور .
6- قالوا :
" إن المبلغين ينكرون الجهاد ، ويزعمون أن المسلمين اليوم حالهم كحال الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة قبل الهجرة " .
ونقول :
هل في هذا القول عيب أو قبح أو إثم حتى تعيّر به جماعة التبليغ أو تسبّ ؟ إنه قول كل ذي علم وعقل وبصيرة بأحوال المسلمين وما يجري في ديارهم ، وما يكتنف حياتهم ، فالذين يتبجحون بالدعوة إلى الجهاد ويؤذون القاعدين عن ذلك فليخبرونا كم غزاة غزوها وكم من بلد من البلاد حرروه وأقاموا فيه شرع الله حتى يصح أن يقال إن جماعة التبليغ قاعدون عن الجهاد ومثبطون عنه 
وكل ما في الأمر أن المبلغين ما شجعوا على الجهاد في بلاد الأفغان لانشغالهم بالدعوة ، هذا وإن حدث أن نفراً أو أنفاراً زهدوا في الجهاد الأفغاني ، ورأوا أن الدعوة إلى إصلاح القلوب وتهذيب الأخلاق مقدمة عن الجهاد فليس هذا بعيب توصم به جماعة التبليغ في الشرق والغرب .
7- وقالوا :
" إن جماعة التبليغ لا ينهون عن المنكر ، ولا يأمرون بالمعروف على الوجه الصحيح ..." .
ونقول :
إن منهج الجماعة وقد سبق بيانه ليس من مبادئه الإنكار على ذوي المنكر ، وذلك لأمرين .
الأول :
إن الإنكار في مجتمعات غلب عليها الجهل وسادها الفسق لا يجدي نفعاً ، وهذا واقع لا ينكره ذو بصيرة بأحوال الناس .
والثاني :
أنهم قد استعاضوا هن الإنكار بالقول تهجير فاعل المنكر بالخروج به بعيداً عن بيئته ووضعه بين يدي مربيين حكماء يعالجونه بالحال وطيب المقال ، فلا يلبث حتى يترك المنكر وينكره ، فهذا أجدى من كلمات يقولها المرء على منبر أو في حلقة درس والناس عنها غافلون .
وشيء آخر هو :
هل المنكرون على جماعة التبليغ تركهم النهي عن المنكر قد نهوا هم عن المنكر ؟
والجواب معلوم والواقع يشهد ونستغفر الله لنا ولهم في تركنا واجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر . ان حال من عيب عن التبليغ نهيهم عن المنكر وهو لا ينكر , ينطبق عليه قول القائل :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله 
عار عليك اذا فعلت عظيم 
8- وقالوا : 
(( ان جماعة التبليغ يتعصبون للمذهب الحنفي . )) 
ونقول :
وهل هذا خاص بجماعة التبليغ ؟
اللهم لا !
ان المشاهد الذي لا ينكر ان الشافعي يتعصب للمذهب الشافعي , والمالكي يتعصب للمذهب المالكي , والحنبلي يتعصب للمذهب الحنبلي ولم ينج من هذا التعصب الا اناس عرفوا الحق بشواهده فتركوا التعصب المذهبي , وداروا مع الحق حيث دار , ونسبتهم الى الامة الاسلامية واحدة الى ألف أو أقل .
فكيف اذا يسب جماعة التبليغ وحدهم بالتعصب للمذهب الحنفي مع ان كل اهل المذاهب يتعصب لمذاهبهم ,
وأمر آخر :
ان جماعة التبليغ فيها الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي , فالطعن فيها غير وارد . اذا, فما لهؤلاء الطاعنين لا يفقهون ؟ 
يضاف الى ذلك ان جماعة التبليغ من شمال افريقيا وغربها وفي أوروبا وأمريكا وفي الشرق الاوسط لم يثبت انهم دعوا الى مذهب معين قط , اذ دعوتهم مقصورة على تقوية الايمان وتحقيقه بفعل الايمان وتحقيقه بفعل الطاعات وترك المعاصي , الا انهم قد يقتدى بهم في صلاتهم وهذه دعوة بالحال لا بالمقال , كما ان المعروف بين الناس ان الذين اهتدوا على يد جماعة التبليغ اكثر المسلمين تقبلا للحق واتباعا للكتاب والسنة .
9- قالوا :
(( ان جماعة التبليغ ينكرون توحيد العبادة )) 
ونقول :
الصواب ان بعضهم لا يعرفون توحيد العبادة ولكنهم لا يفعلون ضده لا أنهم ينكرونه. والدليل على ذلك انهم لا يدعون على الى عبادة غير الله لا بالدعاء ولا بالذبح , ولا بالنذر , ولا بالخوف والرجاء , كما هي حال الرقيين وضلال الجهال , 
وليس هذا عيب جماعة من التبليغ بل هو عيب اكثر المسلمين , اذ قل من يعرف من المسلمين , توحيد العبادة , ولو عرفوه ما عبدوا اصحاب القبور بالذبح والنذر والحلف , فالواجب اذا تعليمهم لا عيبهم . 
10- وقالوا : 
" ان تأثير جماعة التبليغ على العصاة فقط ", بل حتى على المستقيمين , فيصرفونهم عن منهج السلف الى منهج التبليغ العقيم القائم على البدع والضلالات " 
ونقول :
ان اعترافكم بتأثير جماعة التبليغ على العصاة بهدايتهم , وردهم الى طاعة ربهم ورسوله نعم الاعتراف وهو واقع ,
وهنيئا لمن هدى الله تعالى العصاة على يديه .
واما تأثيرهم على المستقيمين فهو اعتراف اخر ايضا , بنجاح جماعة التبليغ , اذ تأثيرهم على المستقيمين معناه نقلهم من دائرة الاكتفاء بهداية انفسهم الى العمل على هداية غيرهم , ولنعم هذا التأثير ايضا , ولذا وجد بين جماعة التبليغ علماء لكنهم قليل , وذلك لتحاشي طلبة العلم الخروج معهم لما يكلف من جهد ومال ووقت , ولهذا يعاديهم بعضهم مع الاسف .
11- وقالوا :
" ان المبلغين مبتدعة وذلك لخروجهم جماعات , ولتحديد مدة الخروج بثلاثة ايام وبأربعين يوما وبأربعة أشهر " . 
ونقول :
ان الخروج لاصلاح ذات البين كالخروج لطلب العلم والهداية و كالخروج لدعوة الناس الى ربهم , ولتعليمهم ما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم , جميعه خروج في سبيل الله تعالى متى صلحت فيه النية واريد به وجه الله عز وجل ولم يرد به مال ولا جاه , ولا نزهة في لهو وباطل , ومن الجهل والتجاهل انكار خروج المبلغين لهداية الناس وتعليمهم واصلاح نفوسهم وتزكية ارواحهم , 
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : 
" لروحة او غدوة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها "
ويقول " من اتى هذا المسجد لا يأتيه الا لخير يعلمه او يتعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله " .
الى غير هذا من الاحاديث الصحاح والحسان المرغبة في الخروج في سبيل الله والحاضة اليه , الداعية اليه .
مع هذا , يا عباد الله ! 
يقال ( خروج جماعة التبليغ بدعة . )) ؟ 
واعجب من هذا قولهم ان الخروج جماعات بدعة بحجة ان الرسول صلى الله عليه وسلم ارسل معاذا الى اليمن ولم يرسل جماعة . ونسوا او جهلوا ان الرسول صلى الله عليه وسلم ارسل القراء لتعليم الناس وكانوا سبعين . فأكثر .
ونسوا ايضا ان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرسل معاذا وحده بل ارسل معه ابا موسى الاشعري رضي الله عنهما .
وقال لهما : " بشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا وتطاوعا ولا تختلفا ." 
وأرسل ايضا عليا رضي الله عنه وخالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه , وارسل مع هؤلاء الصحابة جما غفيرا للدعوة والتعليم والحكم بين الناس بالحق .
وكتبديعهم الخروج تبديعهم تحديد ايام الخروج , وما علموا ان هذا نظام دعوة كنظام المدارس والجامعات في ايام عطلها , ويحتجون الى التحديد ليعرفو مدة غيبتهم , وليتزودوا لذلك ما يحتاجون اليه من نفقه ومتاع .
أفمع هذا يبدع المبلغون في تحديدهم هذه الايام لصالح الدعوة في الخروج الى سبيل الله
فسبحان الله ! ان القوم كما قيل : 
وعين الرضا عن كل عيب كليلة 
كما ان عين السخط تبدي مساويا 
وما موجب السخط يا عباد الله ؟ 
عبد يدعوا الى ربه فيكسب الرضا له ولاخوانه المدعوين , حيث تزكو نفوسهم وتطهر قلوبهم وتفضل اخلاقهم بما يقومون به من طيب الاقوال وصالح الاعمال ,

12- وقالوا وقالوا ...
وعصمنا الله تعالى ! فلم نقل في التبليغ وجماعته ما يعتبر صدا عن سبيل الله تعالى والحمد لله , والمعصوم من عصمه الله ,
وليعلم القارئ الطالب للحق البعيد عن الاغراض الفاسدة والتصورات الخاطئة اني لم اخرج يوما واحدا مع جماعة التبليغ ولم انتم اليهم , وليس سبب ذلك عائد الى وجود اخطاء او اغلاط , اذ اخطأ جماعة التبليغ او اغلاطهم لا تحول دون العمل معهم وتعليمهم ما قد يجهلون , وذلك لقتلها وعدم تأثيرها .
ومن ذا الذي لا يخطئ , ولا يغلط من الناس من غير المعصومين عليهم السلام ؟
ولكن المانع هو إنا لا نقدر على البذل والعطاء والتحمل والصبر كما يقدرون هم , ولذا كنا نكتفي بالنصح لهم وتصويب ما نراه من اخطائهم في دعوتهم , ونكف السنتنا عن نقدهم وعيبهم حتى لا نكون ممن يصد الناس عن سبيل الله تعالى , 
ولكن بعض اخواننا هداهم الله لما عجزوا عن القيام بما يقوم به المبلغون ركنوا الى نقدهم وعيبهم والتشهير بهم والتشويش عليهم وما كان ينبغي لهم ذلك , والله المستعان .
وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم .

ابو بكر جابر الجزائري

JAZAKALLAHU KHAIR

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق